لطالما كنت معجبة بالحكواتي وإن كنت لم أشاهد يوما أيا من عروضه ولكني كنت متأثرة بفكرته التي تنقلها لنا الأفلام والمسلسلات. وفي أي وقت تم ذكر الحكواتي أمامي كان أول ما يتبادر إلى ذهني صورة رجل يرتدي لباسا تقليديا وطربوشا ويجلس على كرسيه يروي حكايا عنتر وحكايا الحروب.
في يوم من الأيام عرض علي بعض الأصدقاء مرافقتهم لحضور عرض "الحكواتية" وفوجئت عندها لمعرفة أن هناك نساء يمارسن فن الحكي ويعملن حكواتيات. انتابني الفضول وذهبت لحضور العرض. كنت أفكر وأتساءل كيف سيكون عرضها وما الذي ستحكيه ولم أتخيل كيف سيكون الأمر صادرا عن امرأة وهو منذ القدم مرتبط بالرجال. كان العرض جميلا جدا ومميزا وهكذا التقيت بالحكواتية دينيس أسعد وتعرفت بها.
دينيس أسعد حكواتية فلسطينية تحفظ الكثير من الحكايات القديمة وتتجول في فلسطين تجمع الحكايات وتصوغها بطريقتها لتنقلها لاحقا وتحكيها في عروضها. هي إنسانة قلبها طيب وروحها جميلة ومن يحضر عروضها يرى هذا ينعكس في حركاتها وصوتها وطريقتها الجميلة في عرض الحكاية. كتلة من النشاط والحيوية والطاقة تنتقل إليك مع كل حرف تسمعه، كل حركة تراها تأخذك بعيدا معها حيث الحكاية فتشعر أنك جزء منها وأنك تراها وتعيشها. هي فلسطين بكل ما فيها وإن لم ترَ فلسطين من قبل تراها في حكايات دينيس، فهي تجمع وطنا بأكمله تحمله في كل مكان ليعرفه الناس أجمع.
منذ اللحظة الأولى التي رأيتها فيها شعرت بانبهار شديد واهتمام كبير وأُعجبت جدا بما تفعله وفهمت أهمية ما تقوم به. تعرفت بها وصرنا على تواصل دائم وكنت أحرص على حضور كافة عروضها وعدم تفويتها أبدا. ثم فكرت أن ما تفعله يجب أن يعرف به الجميع وبحكم عملي في مجال الأفلام فكرت في عمل فيلم عن دينيس وبدأت بمراسلة بعض شركات الإنتاج حتى وافقت إحدى الشركات على تبني فكرة الفيلم وتم التواصل مع قناة الجزيرة والتي رحبت بالفيلم وأُنتج الفيلم وعُرض على شاشة الجزيرة الوثائقية كما شارك في مهرجان الجزيرة العاشر للأفلام وبحمد الله وفضله حصل الفيلم على جائزة الأفلام الطويلة في فئة أفلام الأسرة والطفولة.
كنت موجودة في مهرجان الجزيرة أثناء عرض الفيلم وكنت أراقب الحضور في صالة العرض وأستمع إلى نقاشاتهم حول الفيلم. كما حضرت حفل الإعلان عن النتائج وعندما تم الإعلان عن اسم الفيلم ضمن الأفلام المرشحة وبعدها جاء الإعلان بفوزه شعرت بفخر شديد وخرجت فورا واتصلت بدينيس وأخبرتها عن فوز الفيلم. كنت سعيدة جدا لسعادتها وسعيدة أكثر أن جهدها لم يذهب هباء ولأنها تستحق ولأن ما تقوم به مميز جدا كان لا بد أن يعرف بها الجميع.
دينيس أسعد أيقونة فلسطينية معتقة بتراثها وأصالتها فيها بساطة الأرض ورحابة السماء وصِبا دائم لا يغتاله زمن أو وجع. هي صانعة الفرح تنثره أينما ذهبت وتجبرك على ارتدائه حتى ولو لبعض الوقت. دينيس هي فلسطين التي يجب أن يراها الجميع.
.................................................................................................................................................................
صفحة دينيس أسعد على الفيس بوك
فيلم الحكواتية